ترند نيوز

تنوع المحتوى: يقدم الموقع مجموعة واسعة من المحتوى الإخباري، بدءًا من الأخبار السياسية والاقتصادية والثقافية إلى الأخبار الرياضية والعلمية والتكنولوجية. يُغطي الموقع أيضًا الأحداث العالمية الهامة والتطورات الجارية في مجالات متنوعة

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التوتر في جرمانا: تفاعلات محلية وإقليمية في بوتقة الصراع السوري

تشهد مدينة جرمانا السورية، الواقعة على أطراف العاصمة دمشق، حالة من التصعيد الأمني والسياسي تزامنًا مع مفاوضات مكثفة بين وجهاء المدينة وإدارة الأمن العام السوري. تأتي هذه التطورات في سياقٍ معقدٍ من العلاقات الطائفية والتدخلات الإقليمية، مما يجعل المشهد محفوفًا بتحديات قد تعيد إشعال فتيل التوتر في منطقةٍ طالما اعتُبرت نموذجًا للتعايش بين مكونات المجتمع السوري. تهدف هذه المقالة إلى تحليل الأحداث الأخيرة، وقراءة التداعيات المحتملة على المستويات المحلية والإقليمية، مع تسليط الضوء على دور الفاعلين الداخليين والخارجيين في تعقيد المشهد.

 جرمانا.. خلفية تاريخية وسياسية
تقع جرمانا على بعد نحو 8 كيلومترات جنوب شرق دمشق، وتُعتبر إحدى المدن المهمة لمجتمع الدروز في سوريا، إلى جانب السويداء. يسكنها خليطٌ من الطوائف، لكن الغالبية تنتمي إلى المذهب الدرزي، مع وجود أقلية مسيحية وسنية. تاريخيًا، حافظت المدينة على هدوء نسبي خلال سنوات الحرب السورية، رغم تعرضها لموجات نزوح من المناطق المجاورة، خصوصًا بعد سيطرة النظام على الغوطة الشرقية عام 2018. ومع ذلك، تبقى جرمانا حاضنة لتناقضاتٍ طائفية واجتماعية، تفاقمت بسبب الأزمات الاقتصادية وتدهور الأمن.

 تفاصيل الأزمة الحالية
في أواخر عام 2023، اندلعت مواجهاتٌ عنيفة بعد حادثة استهداف عناصر تابعين لوزارة الدفاع السورية عند حاجز أمني يُعرف بـ"درع جرمانا". وفقًا لبيان وزارة الداخلية، تعرض العناصر للاعتقال والضرب، ثم استُهدفت سيارتهم بإطلاق نار، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم. تلا ذلك هجوم مسلحين على مركز شرطة المدينة، وطرد العناصر الأمنية، مما أشعل اشتباكاتٍ أسفرت عن سقوط ضحايا وتدمير ممتلكات.

الرد الحكومي:
أصدرت إدارة الأمن العام إنذارًا مدته خمسة أيام للمدينة، يشمل ثلاث مطالب:

تسليم الأسلحة غير المرخصة.

إنشاء نقاط أمنية داخلية.

تسليم المطلوبين في جريمة القتل.

رفض وجهاء جرمانا التهديدات، وأصدروا بيانًا دعوا فيه إلى "رفع الغطاء عن الخارجين عن القانون"، مع مطالبة بإعادة تفعيل مركز الناحية الإداري، في إشارة إلى رغبتهم بتحقيق استقرار دون تدخل عسكري مكثف.

المجتمع الدرزي.. بين الولاء والهوية
يُشكّل الدروز في سوريا أقلية دينية تتمركز في جبل العرب (السويداء) وجرمانا، ويُقدّر عددهم بنحو 600 ألف نسمة. خلال الحرب السورية، اتخذ موقفهم من النظام مسارات متباينة؛ فبينما دعم قسمٌ منهم الحكومة، انضم آخرون إلى المعارضة، أو حافظوا على حيادٍ تحوطي. وفي جرمانا، كان التوازن الطائفي عاملًا حاسمًا في الحفاظ على الهدوء النسبي، لكن الأزمة الحالية كشفت عن تصدعاتٍ عميقة نتيجة انتشار الأسلحة وتراجع سلطة الدولة.

الدروز في إسرائيل:
يعيش نحو 150 ألف درزي في إسرائيل، بينهم 23 ألفًا في هضبة الجولان المحتلة، الذين حافظوا على الهوية السورية ورفضوا التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي. هذا التقاطع بين الهوية الوطنية والواقع الجغرافي يجعل من الدروز ورقة ضغط في الصراع السوري-الإسرائيلي.

ا التدخل الإسرائيلي.. أبعاده وردود الفعل
تصاعد التوتر في جرمانا مع تصريحٍ لوزير الدفاع الإسرائيلي، يوئاف غالانت، حذّر فيه النظام السوري من "تحمّل العواقب" في حال تعرض الدروز للأذى، معلنًا استعداد الجيش للتدخل. جاء هذا الموقف في سياقٍ تاريخي من الاهتمام الإسرائيلي بالدروز السوريين، خاصة في الجولان، لكنه أثار موجة غضبٍ واسعة بين السوريين، الذين رأوا فيه تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية.

تحليل الدوافع الإسرائيلية:

حماية الدروز كذراعة: تُستخدم القضية الدرزية لتبرير الوجود العسكري الإسرائيلي في الجولان، ولإضعاف شرعية النظام السوري.

تعميق الانقسامات الطائفية: تسعى إسرائيل إلى تحويل الصراع إلى حرب أهلية طائفية، مما يُسهل تحقيق أجنداتها الأمنية.

الاستجابة للضغوط الداخلية: الدروز الإسرائيليون، خاصة في الجولان، يمارسون ضغوطًا على حكومتهم لحماية إخوتهم في سوريا.

ردود الفعل المحلية.. بين الغضب والتحذير من الفتنة
أثار التصريح الإسرائيلي موجة سخطٍ على منصات التواصل الاجتماعي، حيث هاجم نشطاء سوريون "اللعبة الإسرائيلية" الرامية إلى إثارة النعرات. من أبرز الآراء:

علي علي: "مشكلة النظام ليست مع الأقليات، بل مع من يملك سلاحًا خارج سيطرة الدولة".

طارق شحادة: دعا إلى توحيد كل السوريين تحت جناح الدولة لمواجهة "المستعمر".

مصطفى: اتهم إسرائيل بتصوير الأحداث كاعتداء طائفي لخلق ذريعة للتدخل.

نجود محمود: تذكرت هجوم داعش على السويداء عام 2018، حين قُتل 200 درزي، وتساءلت: "لماذا التحرك الإسرائيلي الآن؟".

الجذور التاريخية.. من 2018 إلى اليوم
في تموز/يوليو 2018، شنت تنظيمات تابعة لـ"داعش" هجومًا دمويًا على محافظة السويداء، ذُبح خلاله مئات المدنيين، دون أن تتحرك إسرائيل لحماية الدروز آنذاك. يُعتقد أن صمت إسرائيل التاريخي يُناقض موقفها الحالي، مما يدفع إلى التساؤل عن دوافعها الحقيقية، خاصة في ظل التقارير عن تعاونٍ سري بين فصائل درزية وإسرائيل خلال الحرب.

الفصل السابع: السيناريوهات المحتملة

احتواء الأزمة: عبر تسليم المطلوبين وفرض نقاط أمنية مشتركة بين الدولة والوجهاء.

تصعيد عسكري: إذا فشلت المفاوضات، قد تشن القوات الحكومية عملياتٍ عسكرية تزيد من الاحتقان.

تدخل إقليمي: قد تستغل إسرائيل الفرصة لضرب مواقع عسكرية سورية تحت ذريعة حماية الدروز.

 جرمانا.. مرآة الأزمات السورية
تعكس أحداث جرمانا التحديات التي تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الحرب: صراع السلطة بين الدولة والمجتمعات المحلية، تداخل الهويات الطائفية مع الأجندات الخارجية، واستمرار تأثير القوى الدولية في تعقيد مسار الاستقرار. بينما يحذّر السوريون من الوقوع في فخ الفتنة الطائفية، تبقى جرمانا نموذجًا مصغرًا لمعضلة بناء الدولة في ظلّ تركة الحرب والتدخلات.

عن الكاتب

عبور الأفكار

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

ترند نيوز